*********
صرخ الجدار والتفت حوله جدران وزوايا البيت المتهالك المحطم بمآسى ومشاحنات وخلافات..
سألوه لما تبكى أيها الجدار؟!!! علام تحدث ضجة فى سكون هذا الليل أتراه غضب الطبيعة أم ماذا؟..لقد أيقظتنا من هدوئنا وغفلتنا
رد الجدار قائلا أى سكون وغفلة تلك التى تتحدثون عنها؟!!! هل نسيتم أم تناسيتم أم تتجاهلون وتتغابون؟!! حقا نحن جماد اصم لكن نشعر بما حولنا وبما يدور من مآسى وصرخات تحطم ذلك الصلب داخلنا ويفتته الى ركام وحطام..انه يهدم داخلنا. هل تناسيتم الحائط المبكى؟!! هل تناسيتم تلك الجدران التى تفحمت بفعل رجل وامرأة تنازعوا على أمور دنيوية وطمع زائل..أم تناسيتم ما حدث بداخلنا من خيانات عهود وغدر أزواج وعشاق وعشيقات وويلات لا تخطر على بالنا فما بال البشر؟!!كم من أسر داخل جدراننا قتلت واحترقت وتنازعت واختلفت...لكم وددت يوما أن يحتوينى هدوء وحياة سعيدة كلها ود وحب وطيبة..انظروا الى تلك الطفلة التى تبكى هلعا ماذا تقول؟!! أمى اين ابى اين اخوتى اين لعبى اين كلبى؟!! لماذا يقتلوننا ياأمى؟ اين بيتنا؟ وما هذا الصوت المرعب؟!!وما هذه الاضواء التى يعقبها صوت مروع؟!!! انى خائفة ياامى...انظرى ياامى ان السماء تمطر ثلجا ورعدا..اننى ارتجف من البرد ياامى دثرينى بحضنك ياأمى انى ارتجف خوفا لايحتمل اكثر من البرد ياأمى...وانظروا الى امها لقد مزقت ثوبها لكى تغطى جثة ولدها بجزء والجزء الآخر غطت به ابنتها التى ترتجف خوفا وهلعا...يالهول ما لاقى البشر من بشر مثلهم..
لقد قيل اننا جماد اصم لانشعر ولانحس فما بال البشر قلوبهم قد قدت من صخر قسوة وبرود ولامبالاة واستهتار ونكث بالعهود...ويزعمون اننا نحن جماد أصم..ان ذلك حقيقة لكن وراء كل حقيقة اشياء فوق الطبيعة والتصور...وأخذت الجدران يحاولون تهدئة صديقهم لكن فشلت محاولاتهم كانت بلا فائدة وبلا طائل..كانوا يدركون انه على حق..وانه فتح جرحا مشروخ متصدع بداخلهم..واخذت صرخاته تتعالى وهو يهزهم هزا انظروا إلى جدراننا كيف تحطمت؟..انظروا إلى فلسطين وغزة انظروا الى لبنان وسوريا والعراق والسودان.كيف تحطمت جدراننا وكيف تفحمت قنابل القيت علينا ودانات وصواريخ ؟ انظروا إلى أطفال قتلت وأسر تشردت..انظروا الى صرخات اطفال جائعة تبكى جوعا وخوفا وهلعا..تبكى من برد يحطم عظامها وهى ترتعش بلا جدار يحتويها ويضمها بحنان يدفئها من زمهرير وقسوة الحياة بل وقسوة البشر...بشر أحالونا الى دمار وهدموا داخلنا الأمن والأمان والاطمئنان٣ والحب والسكون..ماأسهل الدمار وماأصعب البناء..هل سنستطيع بناء دواخلنا التى هدمها ظلم وطمع بشر بلا قناعة أو رضى بأن الدنيا فانية وكل شئ زائل..لم يتركوا لنا ذكريات يتذكرنا بها أى انسان ليرجع ويحن إلى جدراننا..لم يتركوا لنا ذكرى حنين..تركوا لنا دمار وكراهية وابتعاد وتشرد...هل الوطن مجرد جدران؟!!! وكيف يصبح الوطن بلا جدران؟!! بلا بيت يأويه؟! كيف يصبح وطنا به أناس مشردون من بلد لآخر..بشر تناسوا جدران وطن كان يحتويهم ولكن هدم وتركه أهله هربا الى جدار آخر يحتويهم...ف هل الجدران تتشابه؟! هل الأوطان تتشابه؟ هل أترك جدارى لأحتمى بجدار غريب لم ولن يشبه جدار وطنى دفئا وحبا وتقاليدا...ونزلت دمعة الجدار وأخذ يتصدع واهتزت حوله الجدران هلعا وحزنا من هول ما سمعت وازدادت تصدعا ثم فجأة انهارت الجدران ولم يبقى من بقاياها سوى تراب نائم على أرض وطنه وكأنه نام مستريحا يضمه قبر وطن آسفا على أهل بيته وعلى وطنه و هاربا من قسوة البشر
بقلمى..
هويدا محمد الحسن عثمان الكاملابى
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق